مناهج التربية الإسلامية وسؤال التعددية الثقافية

0 تعليقات 20 مُشاهدة 3 دقائق قراءة

الفصول

لا توجد فصول متاحة.

نصُّ المقال:

سعت هذه الدِّراسة إلىٰ البحث في إشكالية مناهج التربية الإسلامية وسؤال التعددية الثقافية عبر رصد العلاقة بين المناهج التعليمية لمادة التربية الإسلامية باعتبارها مادة حاملةً للقيم بامتياز؛ وبين التربيةِ علىٰ القيم عامةً وقيمِ التعددية الثقافية باعتبارها قِيماً كونية (إنسانية) حضارية، وذلك من خلال محاولتها الإجابة علىٰ الأسئلة التالية:

  1. كيفَ تُقارب مناهج مادة التربية الإسلامية في الوطن العربي موضوع التعددية الثقافية؟
  2. ما هي أهم المآخذ والملاحظات التي يُمكن توجيهها لتلك المناهج بهذا الصدد؟
  3. ما هي السبل والبدائل التي يُمكن اقتراحها من أجل تطوير تلك المناهج علىٰ نحوٍ يجعلها تُسهِم في تحقيق العيش المشترك واستبعاد كل ما من شأنه أن يُدَعِّم التطرف والغُلُوَّ والمُصادمة؟

وللإجابة عن السؤال الأول؛ عمدت هذه الورقة –بِحسب ما تُتيحه لنا طبيعةُ الدّراسة- إلىٰ تحليل مضامين مناهج التربية الإسلامية للطور الثانوي للجمهورية العراقية باعتبارها بلادا عربية تعرف صراعا طائفيا بين السُّنة والشيعة، فكيف تعالج مادة التربية الإسلامية قضية هذا التعدد الطائفي بالعرق؟

هذا وقد اختار الباحثُ الاشتغالَ بالطَّور الثانوي؛ نظراً للخصائص النمائية التي يتَّصِفُ بها المتعلمون في هذه الفترة وتجعلهم قادرين ومؤهلين لتناول موضوعات وثيقة الصلة بالتعدد الثقافي، ونظراً لحاجتهم الماسَّةٍ إلىٰ طَرق مواضيع ذات علاقةٍ وطيدةٍ بالتعددية الثَّقافية باعتبارهم مُقبلين علىٰ حياة جامعية تتمظهر فيها بشكل أو بآخر إكراهات وإشكالات مرتبطة بذات الموضوع، كما أنَّ شبكة علاقاتهم وتعاملاتهم سترتبط أكثر بمجتمعهم علىٰ اختلاف روافده الثقافية، وهو ما يجب أن تستجيب له المناهج التعليمية بوصفها مناهج تسعىٰ إلىٰ إعداد المتعلم للحياة.

وبخصوص السؤال الثاني؛ والذي يرتبط ارتباطا وثيقا بما أشرنا إليه في عنوان هذه الورقة من كونها ستسعىٰ –أيضا- إلىٰ تقويم تلك المناهج، ولن يتم ذلك –حتما- إلاَّ بإعادة تفحُّصِ الأجوبة المُحَصَّل عليها من السؤال الأول في ضوء ما هو مُتعارفٌ عليه في الأدبيات المعاصرة في مجال بناء المناهج التعليمية ومجال إدماج القيم فيها.

أمّا فيما يخص استشرافَ مُستقبل تطوير تلك المناهج علىٰ نحوٍ يجعلها تُسهِم في تحقيق العيش المشترك واستبعاد كُلِّ ما من شأنه أن يُدَعِّم التَّطرف والغُلُوَّ والمُصادَمَة؛ فيبقىٰ رهيناً بِمدَىٰ قُدرة هذه المادة –أي مادة التربية الإسلامية- علىٰ تطوير خِطابها التَّربوي، الذي يرتبط –بِكُلِّ تأكيد- ارتباطا وثيقا بالخطاب الديني عُموما وبالخطاب التربوي الإسلامي خصوصا، وكيفيةِ استثمارهما في تطوير خطاب تربوي معاصر لمادة التربية الإسلامية، بحيث يتَّجه نحو تعميق مدلولات المُشترك الإنساني في طُروحاته؛ وهو ما يعني توسيع الأرضية المشتركة التي يُمكن أن تجمعه مع الخطابات الأخرىٰ داخل المجتمع.

وما أودُّ التنبيه إليه هنا؛ أنّ ما سنسعىٰ إليه في هذه الدراسة لن يكون مُجَرَدَّ عمليةٍ من عمليات الترقيع التي تصل أحياناً حَدَّ التلفيق والتأويل وحذف بعض المضامين من منهاج التربية الإسلامية… وإنَّما هو سعيٌ حثيث نحو بحثٍ حضاري مُشتركٍ حقيقيٍّ، لا يُضعِف مادة التربية الإسلامية ولا يُخْضِعها لعملياتِ الإصلاح القَسْرية التي تأتي استجابة لضغوطات مُعَيَّنة، كما لا يتغاضىٰ الطَّرف في الآنِ نفسِه عن الإشكالات التربوية والمعرفية والتاريخية التي يُمكِن أن تَدْفَعُ بالمادة إلىٰ أن تلعب دورا سلبيا في تمزيق المُجتمع علىٰ أساسٍ طائفي أو أخلاقي أو مذهبي أو ديني…

إنَّ الباحث–علىٰ الأقل من وِجهة نظر تخصُّصِه- ليَعْتَقِدُ أنّ ما سَبَقَ ذِكرُه لَيُشكِّلُ المَسلَك الوحيدَ الذي سيُمَكِّن مادة التربية الإسلامية من مُقاربَةِ موضوعاتها والتعبير عن وجهات نظرها في مثل هذه القضايا الراهنة مثل قضية مناهج التربية الإسلامية وسؤال التعددية الثقافية دون ارتباكٍ أو حرجٍ أو لجوءٍ للتأويل أو الحذف، كما سيُخَفِّفَ أيضاً من الحساسية نحوها من خلال مجموعة من الوسائل؛ كالعمل علىٰ التخفيف من حِدَّتها وحُدِّيَتِها في معالجة الكثير من القضايا ذات علاقة بموضوع التعددية الثقافية.

إليكُم المقال مناهج التربية الإسلامية وسؤال التعددية الثقافية:

الكاتب في سطور:

أترك تعليقًا

فضيلة الدكتور عبد الجليل البكوري، من مواليد مدينة طنجة بالمملكة المغربية، أستاذ محاضر بجامعة مولاي اسماعيل – المدرسة العليا للأساتذة بمكناس. حاصل على الدكتوراه في علوم التربية والدراسات الإسلامية.

للتواصل

tawasol@elbakouri.ma

0679201001 (212+)

صندوق بريد 4329, الإدريسية, طنجة, المملكة المغربية

طنجة, المملكة المغربية.

جميع الحقوق محفوظة بموجب قانون الملكية الفكرية © 2025

-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00