عبد الجليل البكوري 
مقدمة
في خِضمّ التَّحديات الحضارية والثقافية التي يواجهها العالم العربيّ والإسلاميّ، تبرز الحاجة الماسّة إلى مشاريع فكرية شاملة، قادرة على إعادة بناء الذات، وتجديد الوعي، وتقديم بدائل استراتيجية تنبع من عمق الهوية الثقافية للأمة، وتتماهى مع مقتضيات الواقع المعاصر. في هذا السياق، يبرز المشروع الحضاري للدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، بوصفه نموذجًا متكاملاً لرؤية فكرية تسعى إلى الجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتهدف إلى إعادة صياغة العلاقة بين الفكر، والثقافة، والسياسة، والتربية، في أفق حضاري متجدد.
هذا ويُعدّ الدّكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري من أبرز المفكرين المعاصرين الذين اشتغلوا بقضايا الهوية الثقافية، والبناء الحضاري، والحوار بين الحضارات، وإصلاح التعليم، ومواجهة الفكر المتطرف… وقد شغل فضيلته منصبَ المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) لسنوات طويلة، وأشرف خلالها على مجموعة من البرامج الثقافية والفكرية التي هدفت إلى تعزيز الحضور الحضاري للعالم الإسلامي في المحافل الدولية. وفضلاً عن اشتغاله المؤسساتي، فإنَّ إنتاجه الفكري الغزير يعكس وعيًا عميقًا بالتحديات التي تواجه الأمة، وحرصًا منهجيًا على تقديم حلول متوازنة، تنبثق من المرجعية الإسلامية، وتستجيب لمتغيرات العصر. ويعدّ كتابه “رؤى في الفكر والسياسة” من أبرز المؤلفات التي تجسّد هذه الرؤية المركّبة، إذ يضم بين دفتيه عشرات المقالات والافتتاحيات والخطب التي تتناول قضايا كبرى مثل: الهوية الثقافية، التعليم، السلام، اللغة، الإرهاب، النظام الدولي، الحوار الحضاري، العدالة، التعددية، التنمية، والبيئة. ولا يقف هذا المشروع عند حدود التحليل أو التشخيص، بل يتجاوز ذلك إلى مستوى تقديم مداخل منهجية متكاملة لإعادة البناء الحضاري للأمة.
أهمية المشروع الحضاري للدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري
يكتسي هذا المشروع الفكري أهمية استثنائية لعدة اعتبارات:
- أولها؛ أنه يصدر عن رؤية نقدية بنّاءة، تتفادى الخطاب التبسيطي والشعارات الجاهزة، وتسعى إلى فهم الأزمات من جذورها، وربطها بالبنيات التربوية، والثقافية، والسياسية، والاقتصادية…
- ثانيها؛ أن هذه الرؤية تتسم بقدر كبير من الانفتاح الإنساني، فهي لا تنغلق على الذات، بل تدعو إلى الحوار مع الآخر لا من زاوية الضعف بل من زاوية النّد للند، وتؤمن بإمكانية بناء نظام عالمي جديد أكثر عدالة وتوازنًا.
- ثالثها؛ أنها لا تفصل بين القيم والممارسات الفعلية والعملية، بل تؤمن بوحدة الإنسان في أبعاده العقلية، والروحية، والاجتماعية.
سياق تقديم القراءة في كتاب رؤى في الفكر والسياسة
والأصل في هذا المقال، مداخلةٌ قدَّمتها أثناء ندوةٍ تكريمية للدكتور عبد العزيز التويجري نظمها المركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية بشراكة مع المعهد العالمي للفكر الإسلامي، وقد تميَّزت هذه الأمسية بحضور المفكِّر المُكرَّم، واستماعه وتعقيبه علىٰ المداخلات التي تناولت أعماله وفكره ومشروعه الحضاري. (لمشاهدة المداخلة اضغط هنا)
قصدت مداخلتي إلى الكشف عن مرتكزات المشروع الحضاري للتويجري وأدوات بنائه، انطلاقًا من كتابه “رؤى في الفكر والسياسة”، وقد قام الباحث بتحليل كل المقالات المتنوِّعة والمتفرِّقة التي تضمَّنها هذا الكتاب، ثم أعاد تركيبها علىٰ نحوٍ يوضِّح المشروع الفكريّ للرَّجل.
وسيتوزع هذا الملخص على أربعة محاور كبرىٰ:
(1) مرتكزات البناء الحضاري عند الدكتور عبد العزيز التويجري.
(2) تشخيص الأزمات المعاصرة في كتاب رؤىٰ في الفكر والسياسة.
(3) الحلول الممكنة في رؤية الدكتور عبد العزيز التويجري.
(4) أسلحة البناء الشامل في فكر الدكتور عبد العزيز التويجري.
منهجية استخلاص المشروع الحضاري للدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري
اعتمد الباحث منهجًا تحليليًّا وتركيبيًّا، يجمع بين قراءة النصوص الأصلية وإعادة بنائها أكاديميًا، من خلال الكشف عن المفاهيم المركزية، والروابط المنهجية، والانشغالات الكبرىٰ التي تؤطر هذا المشروع، هذا مع الحرص على استحضار السياق المعرفي الذي يتحرك فيه المشروع، ومدى قابليته للتحقق العملي في الواقع المعاصر، ولذك فبعض ما سيردُ في هذا الملخص قد يعكس فهمَ الباحث الذي يبقىٰ قابلا للتصحيح من طرف المؤلِّف الأصلي للكتاب.
قراءة المقالة وتحميلها:
صور من الندوة التكريمية:
للمشاهدة:
(المشروع الحضاري للدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري)
